أمضى منقّب فضةٍ شجعٌ عقوداً طويلة وهو يسرق المياه الجوفية من مجتمعٍ أمازيغيٍّ صغير دون أن يلقي بالاً لبساتينهم اللوزية التي أتى الجفاف عليها. فما يكون من سكان القرية إلى أن يقوموا باحتلال أنبوب الماء لسبع سنين في محاولةٍ لإنقاذ واحتهم الهزيلة، وسلاحهم الوحيد هو أشعارهم وأغانيهم.
إيميدر هي بلدةٍ في جنوب شرقي المغرب، وتُعرف بمنجم فضةٍ خصبٍ امتصّ المياه الجوفية لعقودٍ طويلةٍ، وهو ما أدّى إلى جدب بساتين اللوز التي يملكها مجتمعٌ أمازيغيٌّ صغير يعيش في قرية. وهو ما يدفع أبناء هذه القرية إلى القيام بثورةٍ سلميةٍ عام 2011، خوفاً من اختفاء واحاتهم الزهيدة وانقطاع آخر سبل معيشتهم، حيث يقوم سكان هذه القرية بإغلاق أنبوب مياهٍ كبيرٍ يُمدّ المنجم بالمياه. ولا يزال أبناء القرية مستوليين على هذا الأنبوب إلى اليوم، أي منذ سبعة أعوام، في معسكر احتجاج بات اليوم فعلياً قريةٍ صغيرةٍ تعمل على الطاقة الشمسية. ولكن بالتأكيد لن يكون أكبر مناجم أفريقيا الفضية خصماً سهلاً، وهو الذي يحظى بدعم استخباراتٍ ماكرة وحمايةٍ شرسةٍ من الشرطة، فقد تمّ اعتقال العشرات لمشاركتهم فيما عُرف لاحقاً بـ "Amussu of Ubred n ‘96" (حركة الطريق 96). ولكن يستمرّ أهل القرية المتماسكين في مقاومتهم بما يملكونه من وسائل بسيطة- الأغاني، والخبز الجاف، والاحتجاجات الأسبوعية، وأدوات تصويرٍ بدائية، ومهرجان أفلام، وإبداعٍ لا ينضب.