عاد حسن قبل سنوات عديدة إلى منزله في مقبرة جيلاز في تونس. يُؤنس وحشةَ حسن الذي يعمل وحيداً شخوصٌ من نوع مختلف، متمثلة في آلاف الأرواح وامرأة واحدة لها منزلة خاصة. يدعونا حسن إلى حياته المتفرّدة ويفتح لنا باباً نتابعها من خلاله.
يذكر حسن الليلة الأولى الذي تحوّلت فيه مقبرة جيلاز إلى ملاذه. كان ذلك عندما دفن أبويه وشقيقيّه، وأراح بعد ذلك رأسه وقدميه على طرف قبورهم وسلّم نفسه لنوم عميق شعر فيه أن روحه تنسال منه. مرّت أربعون سنة وحسن صار حارس جيلاز الواقف عند نقطة تلاقي عالمين. نتبع حسن كل يوم وهو يلقي التحية على الأحياء والأموات، ويساعدهم متى ما سنحت لهم الفرصة، فهو يزرع الزهور ويبني القبور وينظّفها ويساعد في مراسم الدفن. وأحياناً نراه يذهب ويزور مقاهي مكتظة ويعيش حياة طبيعية بين الأحياء. المظالم والبؤس الذي يراه خارج جيلاز يزعزع السعادة والأمل الذي يشعر به كل يوم في مساحة عمله الساحرة، في بيته، وما سيكون وقت أجله فراش موته. وبعد كل ذلك هناك صابرين التي تعرف تماماً معنى أن تعيش حياةً صعبة غير مستقرة. صابرين تبحث عن أنيس لها من هذه الدنيا. يستعد حسن لحياته بعد الموت ويشاركنا أفكاره عن الرحمة والذاكرة والحب.