"لا بد أن تكون مجنوناً لتصنع فيلماً في كردستان"، أو هكذا تزعم إحدى شخصيات فيلم شوكت أمين كوركي "ذكريات منقوشة على حجر" الذي تدور أحداثه حول المتاعب التي تواجه الشخصية المتخيلة المخرج حسين حسن في محاولته صنع فيلم بعنوان "أنفال" حول حملة التطهير العرقي التي شنها صدام حسين على أكراد العراق. وبالفعل، كان تصوير الفيلم المُتخيل، عسيراً وفق ما يتنبأ به قانون مورفي "إذا كانت إمكانية الخطأ قائمة فوقوعه حتمي"، حيث يعاني المخرج وفريق عمل الفيلم من شح التمويل، والآنا المتضخمة لأحد نجوم البوب، ونزاعات عائلية، وحتى حراس الحدود العدوانيين في سبيل صنع الفيلم، ويتحمل طاقم الفيلم كل هذا مدفوعين بشغف لصون تاريخ بلادهم. ولكن، هل يكفي شغفهم الكبير هذا لينقلوا القصة إلى الشاشة الكبيرة؟

يسير كوركي بمهارة على الخط الفاصل بين الكوميديا والتراجيديا في ثالث أفلامه الروائية الطويلة، فهو يحافظ على نبرة تتميز بالخفة فيما يخص المحرك الرئيسي للقصة، والفيلم لا يخلو من لحظات رومانسية ومشاهد كوميدية تعتمد على لغة الجسد. وبالرغم من الطابع البهيج الطاغي على الفيلم، لا يتجاهل كوركي حمولته الثقيلة والكئيبة، حيث يذكرنا بحملة الأنفال مراراً خلال الفيلم. وفي جوهره، يطالب فيلم "ذكريات منقوشة على حجر" باحترام ذكرى ضحايا الحملة التي قادها صدام حسين ضد أكراد العراق وعدم نسيان مصيرهم الأليم.