بينما أصبح البقاء على قيد الحياة في الجزائر يمثل تحدياً حقيقياً مستمراً يعرّي سكان الأمة من الأمل، انتشرت ظاهرة حرق الذات بكثرة؛ ليس على الناجين مواجهة التعذيب النفسي والجسدي فحسب، بل نظرة المجتمع الساخطة التي تعتبر الانتحار خطيئة. ومع إصدار الدولة الجزائرية لقانون جديد يجرّم حرق الذات، بات على الناجين مواجهة المحاكمة. يسعى "الحريق" إلى تفسير ما لا يمكن تفسيره وخلق مساحة حرة من أجل إنشاء حوار يبحث في إمكان اللجوء إلى وسائل أخرى غير حرق الذات. بنظري، إن هذا التصرف المدمّر للذات يفضح الحال الذي وصل إليه الشعب الجزائري من إحباط وتفكك وغربة عن الذات. لقد تخلى الجزائريون عن أحلامهم ورضخوا للأمر الواقع، وهم باتوا اليوم يعيشون ضيقاً عميقاً ووحشة قاتلة أصبحت متجذرة في صلب هويتنا الوطنية العربية ومترسخة فيها. ويبدو أن الوقت قد حان أخيراً لمواجهة الذات ببعض الأسئلة، بكل الأسئلة، علّنا نفلح في تحديد الأسباب التي أفضت بنا إلى هذه الحال، والتي غالباً ما يتم تجاهلها وتشتيت انتباهنا عنها".